
كتب .. يوسف حمدي
في ذكرى وفاته، هناك 4 مشاهد تلخّص أسطورة
الجنرال محمود الجوهري، وتوضح ليه هو شخصية متكررتش في تاريخ الكورة المصرية، وأشك
إنها تتكرر في مستقبلها.
المشهد الأول، بيحكيه حازم إمام،
وبيقول إنه لما رجع من إيطاليا وهو لسة شاب في أوائل العشرينات وكان الجوهري وقتها
60 سنة والمدرب الوحيد في تاريخ مصر اللي خد بطولة أفريقيا مع الأهلي والزمالك
وواصل كاس عالم ونجم الشباك الأول للجمهور.. لكن رغم كدة بمنتهى التواضع وعدم
التكبر على المعرفة بياخده في أوضة وبيجيبله ورقة وقلم وبيقوله اكتب لي تفاصيل
التدريبات اللي بتتدربوها هناك وبتعملوا إيه، بعد كل الإنجازات دي لسة عنده نهم
للمعرفة، وبيسافر ورا المحترفين المصريين يقعد مع مدربينهم ويطّلع على كل ما هو
جديد برة.
في نفس الحلقة حازم إمام بيقول بردو إن
الجوهري كان بيقعد على الترابيزة يراقب اللعيبة وهي بتاكل ويشرف على نظامهم
الغذائي وتدربياتهم البدنيةويوزنهم بنفسه، الشغل اللي النهاردة بيعمله معد بدني
وأخصائي تغذية كان بيعمله الجوهري لوحده بالإضافة لكونه مدير فني.. لك أن تتخيل
كان ممكن الشخص دا يعمل إيه لو عاش في عصر الداتا وكانت كل التفاصيل اللي بيجمعها
يدوي دي بتجيله جاهزة من محللين الأداء وهو بس يشتغل عليها.. تخيل بس كان ممكن
يعمل إيه.
المشهد التاني، مع بداية تجربته مع
منتخب الأردن، مسؤول الاتحاد بيديله كشف بأسماء أبرز اللعيبة اللي بتتواجد بشكل
أساسي مع المنتخب بحيث يضمهم ويكمل عليهم بقا كونه نظريًا ميعرفش تفاصيل الدنيا
هناك ماشية ازاي، فيرفض الجوهري وجهازه بقيادة كابتن علاء نبيل وكابتن فكري صالح
ويقرروا إنهم هيتفرجوا بنفسهم قبل ما يختاروا أي حد.
وفعلًا، الفرجة بتقنع كابتن فكري صالح
مدرب الحرّاس بشاب صغير عنده 21 سنة وبيلعب في اليرموك مش الفيصلي ولا الوحدات
اللي هما أكبر فريقين هناك، الجوهري قاله طب ناخد معاه حارس كبير؟ بس كابتن فكري
صمم إنه يستحق يكون هو الأساسي.. مين الشاب دا؟ عامر شفيع، الأسطورة الأولى لكرة
القدم الأردنية حاليًا وأكتر لاعب مثل المنتخب في تاريخه.. درس تاني عنوانه مفيش
حاجة اسمها حكم مسبق، اشتغل الأول.
المشهد التالت، ماتش للأردن بحضور
الملك عبد الله، علاء نبيل بيلاحظ إن الجبهة اليمين مخترقة فبيقترح خروج الجناح
ونزول جناح تاني نزعته الدفاعية أقوى، فالجوهري بيوافقه وفعلًا المشكلة تتحل
والأردن تحافظ على الـ 1/0 وتكسب الماتش.
بعدها بقا الملك عبد الله نازل أوضة
اللبس بيشكر الجوهري واللعيبة، وبيقوله بس التبديل دا عمل فارق وبيضحك، فيقوم
الجوهري يقوله دا كان اقتراح علاء نبيل ويديله الكريديت.. لدرجة إن علاء نبيل نفسه
بيقول إنه قاله يا كابتن كلنا شغالين تحت إدراتك، يقوم العظيم قايله لازم الناس
تعرف مين اللي أنا مختارهم وحاطط ثقتي فيهم.. في درس لكل شخص مكتوب جنب اسمه
"مدير" في أي حاجة.
المشهد الرابع، أهم شيء في الإدارة إنك
تخلي اللي تحت إدارتك يثقوا فيك، بداية مسيرته مع منتخب الإردن قوّى علاقته
بالاتحادات والأندية الأردنية لدرجة خلتهم يسيبوا لعيبيتهم لمعسكرات المنتخب في أي
وقت حتى لو في أوقات منافسة محلية، وفوق دا كله علاقته الودية الأبوية باللعيبة في
كل مكان درّب فيه لدرجة إنه كان بيساهم في حل مشاكلهم الدراسية والأسرية ولما حد
فيهم كان بيعمل عملية كان بيفوق يلاقي الجوهري قدامه يمكن قبل أبوه وأمه.
إنسانيًا بقى، كابتن علاء نبيل بيحكي
إن مكتب الجوهري في الأردن كان أشبه بمكتب خدمة مواطنين، وعشرات المصريين كانوا
بيجوله يوميًا عشان يساعدهم، ويروح للجهاز يقولهم مين عايز يعمل خير النهاردة؟ في
مصري محتاج فلوس تذكرة طيران، محتاج مبلغ مؤقت على ما يلاقي شغل... إلخ. لدرجة إن
علاء نبيل نفسه قاله بهزار أنا بعد كدة هسيبلك مرتبي تشوف هتاخد منه قد إيه تعمل
بيه خير وتديني الباقي.
الـ 4 مشاهد دول تقريبًا ملخص حياته
اللي كلها شغف بشغله، وفي عشرات المواقف زيها لا يكفيها بوست ولا وثائقي ولا كتاب
حتى، كلها هتدور في نفس المساحة، عبقرية وإخلاص وتفاني وإنكار ذات من راجل سابق
عصره ومجدد، خليط لا يمكن تلاقيه إلا في محمود الجوهري.
الله يرحمك يا كابتن جوهري ويكرم منزلك يارب، قائد وجنرال وأسطورة وتجسيد لكل كلمة وصفتك في حياتك ولسة بتوصفك في قبرك وهتفضل مرتبطة بيك للأبد لإن اللي زيك مبيموتوش ولا ينفع يتنسوا.
0 تعليقات
في انتظار تعليقاتكم